Pressroom

مؤتمر في جامعة الحكمة يشدد على ضرورة تطبيق قانون الشراء العام

عقيص: حقق خرقا في جدار الفساد والبستاني: بناء الدولة قرار يكتمل بالشفافية

نظمت جامعة الحكمة ULS ومعهد باسل فليحان المالي والإقتصادي مؤتمرًا حول “الشراء العام في لبنان- أي فرص لتعزيز الشفافية والتنافسية الإقتصادية والإستدامة”، تم في خلاله تبادل الآراء حول سبل تطبيق قانون الشراء العام رقم ٢٤٤ الذي دخل حيز التنفيذ في آب الماضي. وتم التوقف عند العقبات التي تعترض تنفيذه والتي يتصل بعضها بالإنعكاسات السلبية اللأزمة المالية والاقتصادية التي تطال كل القطاعات في لبنان، ويرتبط بعضها الآخر بعدم وجود رغبة حقيقية في تنفيذ هذا القانون الذي يعتبر من أبرز القوانين المالية الإصلاحية لتأمين الخدمات بنوعية جيدة للصالح العام وتحقيق القيمة الفضلى من إنفاق أموال المكلفين وتحفيز النشاط الاقتصادي.

والتقت الآراء على أهمية القانون وضرورة تطبيقه بمعالجة بعض ثغراته بحيث يتم تكييف القانون مع الواقع المالي الراهن وحاجات الجهات الشارية كي يأت التطبيق سلسًا ومرنًا؛ وكان تشديد على ضرورة عدم إيجاد أي ذريعة للتهرب من تطبيق القانون الذي يشكل خطوة محورية لبناء الشفافية خصوصا أن الشراء العام في لبنان يشكل حوالي عشرين في المئة من النفقات العامة ما يمثل حوالي ستة في المئة من الناتج المحلي الإجمالي.

حضر المؤتمر رئيسة جامعة الحكمة البروفسور لارا البستاني ورئيس معهد باسل فليحان المالي والإقتصادي بالتكليف السيد غسان الزعني وشارك فيه النائب جورج عقيص، الوزيرة السابقة الدكتورة وفاء الضيقة حمزه، رئيس هيئة الشراء العام الدكتور جان العلية، اختصاصية الشراء في البنك الدولي السيدة لينا فارس، الخبيرة البيئية في برنامج الأمم المتحدة الانمائي السيدة جيهان سعود، خبيرة الشراء العام في المعهد السيدة رنا فارس والاقتصادية السيدة بسمة عبد الخالق، ومنسق المؤتمر القاضي الدكتور إيلي معلوف، بحضور عدد من رؤساء وأعضاء المجالس البلدية وعمداء وأساتذة وطلاب، وممثلين عن الجهات غير الحكومية.

عقيص

وقد أكد النائب جورج عقيص في مداخلة أدلى بها “أننا وصلنا إلى ما وصلنا إليه من أزمات لغياب الإرادة في إصدار التشريعات ومواكبة تنفيذها”، مشددًا على إقرار القوانين في البرلمان بالتزامن مع إصدار مراسيمها التطبيقية، كاشفا أن في لبنان 75 قانونًا لا ينفذ لعدم وجود مراسيم تطبيقية. وتابع عقيص أن كلفة الفساد في لبنان تقدر بعشرة مليارات دولار سنويًا، فيما الموازنة تقدر اليوم بمليار دولار وهي مرشحة لأن تصبح أقل من ذلك مع استمرار تدهور العملة الوطنية. وتابع أن هدرًا كبيرًا من المال حصل في لبنان، مضيفا أنه ورغم كل الثغرات، يجب ألا يتملّص أحد من تطبيق قانون الشراء العام لأنه حقق خرقًا في جدار الفساد الأمر الذي يجب استكماله بمنظومة إصلاح متكاملة.

البستاني

وكانت رئيسة جامعة الحكمة البروفسور لارا البستاني قد أكدت في الجلسة الإفتتاحية أن “الشراء العام هو من الأنشطة الحكومية الأكثر عرضة للفساد في العالم، فكيف الحال في بلد إبتعد كل البعد عن منطق الدولة، ونسي حكامه أو تناسوا بأن العمل السياسي خدمة وأن المسؤول هو أكثر من غيره تحت القانون، والسلطة أمانة والحاكم هو من اختاره الشعب فإئتمنه على مصيره وماله والوطن!” وإذ سألت: “هل من ضرورة بعد لقانون الشراء العام وقد أصبحنا في زمن اللادولة وشريعة الغاب؟”، أضافت البستاني أن الإجابة تكمن في بناء الدولة، وقالت: “إن بناء الدولة قرار يبدأ بالسيادة ولا يكتمل إلا بالسيادة المطلقة وما بينهما تطبيق الشفافية والمساءلة والمحاسبة”. وختمت رئيسة جامعة الحكمة مؤكدة أننا في جامعة الحكمة مؤمنون بأن بداية إعادة بناء الدولة خطوة، وهذه الخطوة يجب أن ترتكز على الشفافية.

الزعني

بدوره أكد رئيس معهد باسل فليحان المالي والإقتصادي بالتكليف السيد غسان الزعني أن “الشراء العام مكوّن أساسي من مكوّنات إدارة المال العام وتحقيق القيمة الفضلى من إنفاقه، ويقع في صلب الإصلاحات الهيكلية التي التزم بها لبنان منذ مؤتمر CEDRE عام 2018 وجدّدها العام الماضي في الاتفاق على مستوى الموظفين مع صندوق النقد الدولي”.

وعرض الزعني للدور المحوري الذي قام به المعهد لإقرار القانون بمساعدة الشركاء الدوليين ولا سيما البنك الدولي والوكالة الفرنسية للتنمية ومبادرة OECD-SIGMA والبنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية. وأوضح أن المعهد يتولى حاليًا دورين أساسيين الأول هو دور المنسق الوطني للإصلاح حيث يحرص على التعاون الوثيق مع هيئة الشراء العام لتذليل عقبات تنفيذ القانون، ومع كافة الجهات الوطنية المعنية تطبيقه والجهات الدولية الداعمة، والدور الثاني وهو مسؤولية التدريب المستمر والمتخصص الإلزامي في الشراء العام المنصوص عنه في القانون حيث بدأت مرحلة أولى من خلال بناء نواة من المدربين الخبراء المعتمدين للتعريف بالقانون للجهات كافة في الدولة وسيتم قريبًا إطلاق التدريب التقني المتخصص لتلبية الحاجات الوطنية.

من جهتها، أكدت السيدة لينا فارس من البنك الدولي أهمية النظر إلى اصلاح الشراء العام بنظرة شمولية بحيث يتم تدعيم القانون ٢٤٤ بالسياسات العامة ذات الصلة، وبتوافر دفاتر الشروط النموذجية وأدوات العمل، وتفعيل المنصة الإلكترونية المركزية التي نص على انشائها القانون لتأمين متطلبات الشفافية والالتزام بالمعايير الدولية، مؤكدة على استمرار دعم البنك الدولي لهذه الجهود الوطنية.

خلال الجلسة الثانية للمؤتمر التي تناولت الشراء العام كأداة محفزة لتنافسية الاقتصاد والتنمية المستدامة، وعرضت خلالها ميسرة الجلسة السيدة بسمة عبد الخالق الواقع الاقتصادي للبنان والمؤشرات السلبية على مستوى التنافسية وسهولة الأعمال ومشاركة المؤسسات الصغيرة والمتوسطة وانعكاس الازمة على النمو والواقع الاجتماعي. وكانت مداخلة لكل من السيدة رنا رزق الله فارس ارتكزت على كيفية تناول القانون لموضوع الإستدامة اطلاقا من التزامه تحقيق أهداف التنمية المستدامة، وذلك من خلال ادراج ضمان حق مشاركة المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، وتوجيه القدرة الشرائية نحو السلع والخدمات المستدامة، والأنظمة التفضيلية وتوفير مدخلا لبلورة سياسات الشراء العام المستدام.

بدورها اضاءت الوزيرة السابقة الدكتورة وفاء الضيقة حمزه على أهمية لحظ البعد الجندري في الشراء العام لتحقيق المساواة وتعزيز مشاركة النساء الاقتصادية من خلال توافر فرص مشاركة الشركات المملوكة من النساء في فرص الشراء العام، أسوة بلدان مثل تشيلي وكينيا وغيرها. وأوصت باعتماد سياسات حكومية في هذا الاتجاه مبنية على توافر المعطيات والأرقام وذلك تماشيا مع التزامات لبنان بتنفيذ أجندة التنمية المستدامة لعام ٢٠٣٠.

من ناحيتها عرضت السيدة جهان سعود لتجارب دولية ناجحة في تطبيق الشراء العام المستدام كأداة استراتيجية بيد الدولة لتحفيز التنمية بكل أبعادها لاسيما البعد البيئي، وأضاءت على الوفر المالي الممكن تحقيقه على المدى الطويل عند شراء لوازم وخدمات مستدامة، مشددة على أهمية التوعية على هذا الموضوع واستعداد UNDP لمواكبة الجهود الحكومية في تجاه بلورة وتطبيق سياسات الشراء العام المستدام خاصة وأن معهد باسل فليحان المالي والاقتصادي قد بادر منذ سنوات على إجراء دراسات ووضع خطط في هذا المجال اصبحت الآن اكثر جهوزية للتطبيق بعد صدور قانون الشراء العام ٢٤٤ الذي لحظ والإستدامة كمبدأ اساس.